أخبار وطنية، الرئيسية، رياضة

انتصار آخر لقيم الرياضة على معاول الهدم 

اهتز العقلاء والنزهاء والشرفاء، في مختلف بقاع العالم، ومن هم من مستواهم وقيمتهم، ممن دأبوا على الانتصار للشرعية والمشروعية الرياضية والقانونية والأخلاقية، لما لاقته بعثة فريق نهضة بركان لكرة القدم، بمجرد نزولها في مطار الجزائر العاصمة، من معاملة سيئة وعنف لفظي، ومختلف أوجه التخويف والترهيب، من ممثلي السلطات الأمنية وحتى الرياضية هناك، لا لشيء إلا لأن أقمصتها الرياضية الرسمية مرصعة بخريطة المملكة المغربية، التي ترمز لسيادة ووحدة المملكة الشريفة من طنجة إلى الكويرة.

كلهم جميعا، عبروا عن استغرابهم واستنكارهم، ما حدث هناك لبعثة النهضة البركانية، من اعتداء وتنكيل لفظي ومعنوي، وحجز واحتجاز لما يقارب عشر(10) ساعات.

وتساءلوا عن السبب أو الأسباب الوجيهة والقانونية، رياضيا وتنافسيا، التي بموجبها تم السطو على الأقمصة الأقمصة الرياضية، في الوقت الذي لا تحمل فيه أي شعار أو علامة تتعارض مع لوائح الكاف، وأيضا الفيفا، أو تستهدف موال “السيادة الجزائرية”، الذي اتخذه نظام الكابرانات كخديعة سياسوية مفضوحة لتبرير ما اقترفه من تجاوزات خطيرة في حق بعثة رياضية، سلمية ومسالمة، لم تكن تحمل معها لا منشورات عدائية ضد الجزائر، ولا أدوات تهدد أمن واستقرار، الجار الذي ابتلانا الله به، لتجد نفسها محتجزة في المطار لساعات طويلة وماراطونية…

نعترف، بأن ما حدث، لم يكن بالأمر المفاجئ والصادم، مادام نظام “الكابرانات” مصمم، في السنوات الأخيرة، مع سبق الإصرار والترصد، على استغلال أي مناسبة رياضية قارية أو عربية، تجمع الأندية والمنتخبات المغربية بنظيراتها الجزائرية، للإمعان والمضي قدما في تسميم العلاقات بين رياضيي وإعلاميي البلدين، وتعميق مظاهر الشرخ والنفور، وتأجيج مشاعر الخصومة والعداوة بينهما، حتى لا تساهم المناسبات الرياضية في تحقيق التقارب والتواصل بين الشعبين الشقيقين، وخاصة بين شباب البلدين الجارين.

ما وقع لبعثة نهضة بركان من معاناة مريرة وحرب نفسية لا هوادة فيها، هو في الحقيقة، امتداد لسيناريوهات مماثلة عاشت ظروفها وملابساتها بعثات أندية ومنتخبات وطنية، وبعثات إعلامية، تم فيها الاعتداء جهرا على السيادة الوطنية، والاعتداء اللفظي والمادي على الرياضيين المغاربة كأس العرب لأقل من 17 سنة، وكأس إفريقيا للفئة نفسها، بشتى الطرق والوسائل، دون أن ننسى المنع الظالم الذي طال البعثة الإعلامية المغربية من الدخول إلى التراب الجزائري لتغطية ألعاب البحر الأبيض المتوسط، بمبررات غريبة وشاذة، واستدعاء شخص غريب ودخيل على لوائح الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، ومكتبها التنفيذي، ولجانها الوظيفية، وإعطائه الكلمة في افتتاح “الشان”، ليهاجم المغرب، ويتطاول على سيادته وثوابته التي هي من صميم هويته الوطنية.

وحينما يصر النظام الحاكم في الجزائر، على إحراق الورقة الرياضية، وممارسة سياسة الأرض المحروقة في حق مكونات الرياضة الجزائرية، فإنه يعترف من حيث يدري أو لا يدري، بأنه خسر جميع المعارك الأخرى، سياسيا واقتصاديا وتنمويا وإعلاميا، ويسعى بكل ما أوتي من سبل، لاتخاذ الرياضة مطية للاستمرار في التنفيس عن عقده المزمنة وعداواته الحمقاء والهوجاء للمملكة المغربية، والحيلولة دون أن تشرق منها بارقة الأمل في إصلاح ما أفسدته مخططاته البئيسة واليائسة، وتلطيف الأجواء بين الشعبين الشقيقين بقيم الرياضة التي تتأسس على الانفتاح التسامح والتعايش.

لقد خرجت نهضة بركان، ومعها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، من هذه المؤامرة الدنيئة والمعركة الخبيثة، منتصرة، بالقانون، وروح اليقظة والصمود والقدرة على التحمل وإفشال المخططات البئيسة والدخيلة على الرياضة وقيمها النبيلة.

ويكفي ما لقيته بعثة اتحاد العاصمة من حفاوة في الترحيب، وكرم الضيافة، منذ الوصول إلى لحظة المغادرة، لنقف، ويقف معنا العالم، كشاهد إثبات على العصر، وعلى البون الشاسع بين السمو في المواقف الحضارية، وبين الانحدار السحيق في المواقف العمياء والهدامة، وبين من يستغل الرياضة، كوسيلة سياسوية مائعة ومتعفنة لتسميم العلاقات، وترسيخ خطاب الحقد والكراهية، ومن يستغل قيمها الراقية وثقافتها البانية للحفاظ على أواصر الاحترام والأخوة والصداقة والوفاء بين الشعبين الشقيقين.

عبد اللطيف المتوكل، رسالة الامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *