الرئيسية، سياسة

المبعوث الأممي إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا يهدد بالإستقالة.

في خبر حصري نشرته الصحيفة في نسختها الإنجليزية، أكدت مصادر دبلوماسية للموقع، أن ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، أخبر رئيس المنظمة الأممية، أنطونيو غوتيريش، أنه سيُقدم قريبا استقالته في حال ما لم يتمكن من إقناع المغرب أو الجزائر أو جبهة “البوليساريو” بتغيير موقفها، مبرزا أن إيجاد حل للنزاع أصبح “صعبا” عليه.

ووفق المعطيات التي حصلت عليها “الصحيفة الإنجليزية”، فإن دي ميستورا اجتمع مؤخرا بغوتيريش، وأخبره بأن الملف “جد معقد”، وأنه لم يستطع إقناع الأطراف المعنية بتغيير مواقفها. وأضاف أنه إذا لم يلمس أي تغيير خلال الفترة القصيرة المقبلة فسيقدم استقالته من المهمة الأممية.   

يأتي ذلك في سياق أصبح فيه جدوى عمل دي ميستورا محط العديد من علامات الاستفهام، إذ إن الدبلوماسي الإيطالي – السويدي أصبح، عمليا، غير موثوق فيه من طرف المغرب، بعد زيارته المثيرة للجدل إلى جنوب إفريقيا الداعمة للجبهة الانفصالية، بالإضافة إلى أن المسار الذي اختاره منفصل عن التطورات التي شهدها الملف على المستوى الدولي.

وأصبحت مهمة دي ميستورا أكثر تعقيدا حين اجتمع بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بتاريخ 4 أبريل 2024، وهو اللقاء الذي أصدرت في أعقابه الخارجية المغربية بلاغا أكدت من خلاله أن المبعوث الأممي ذُكّر بـ”ثوابت موقف المغرب” من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية، وهي ما يُعرف بـ”اللاءات الثلاث”.

وجاء في البلاغ أن “لا عملية سياسية خارج إطار الموائد المستديرة التي حددتها الأمم المتحدة، بمشاركة كاملة من الجزائر”، و”لا حل خارج إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي”، ثم “لا عملية سياسية جدية، في وقت ينتهك وقف إطلاق النار يوميا من قبل مليشيات البوليساريو”.

هذا الموقف، في أول لقاء مباشر بين بوريطة ودي ميستورا منذ رحلة هذا الأخير إلى بريتوريا، كان قد سبقه إعلان صريح من الرباط عن عدم رضاها على طريقة عمل المبعوث الأممي، حين تحدث الوزير المغربي، في فبراير الماضي، أن المملكة ستستمر في تنبيه دي ميستورا إلى “القواعد والخطوط الرئيسية لمهمته”، وأضاف أن “جنوب إفريقيا لا وزن لها في ملف الصحراء ولن تلعب فيه أي دور حتى ولو ذهب دي ميستورا إلى المريخ”.

هذه اللهجة التي تنم عن الثقة المفقودة بين الرباط والمبعوث الأممي، أتت في سياق حاول فيه دي ميستورا الرجوع بالملف إلى المربع الأول والبدء من نقطة الصفر في محاولات الوصول إلى حل “سياسي ودائم ويرضي جميع الأطراف”، لذلك كثف من رحلاته إلى العواصم التي يعتقد أن لها تأثير في القضية، متجاهلا التطورات الحاصلة على المستوى الدولي.

وعلى أرض الواقع، وُوجه دي ميستورا بمسار آخر موازٍ داعم للطرح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي، وهو المقترح الذي يحظى بدعم متزايد من الدول المؤثرة في الملف داخل مجلس الأمن، وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، إلى جانب إسبانيا، المستعمر السابق للصحراء.

وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت بشكل رسمي، في دجنبر من سنة 2020، الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، في الرمق الأخير من عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن كانت واضحة في اختيار منطلقات مناقشة الحلول الممكنة، استنادا إلى المقترح المغربي باعتباره الأكثر واقعية. هذا الأمر يبدو جليا من خلال جولات نائب وزير الخارجية الأمريكي المكلف بشمال إفريقيا، جوشوا هاريس، في المغرب والجزائر، والذي سبق أن أخبر جبهة “البوليساريو”، عن طريق السلطات الجزائرية، بأن واشنطن تعتبر أن انفصال الصحراء خيار “غير واقعي” الأمر الذي دفع الأمين العام للجبهة الانفصالية، إبراهيم غالي، إلى التوجه على عجل صوب نيويورك في شتنبر من سنة 2023، للقاء غوتيريش والاحتجاج على الأمر.

وأوردت وسائل إعلام “البوليساريو” حينها، أن غالي “أشار إلى محاولات بعض الأطراف الانحراف بعملية السلام برمتها عن إطارها القانوني الواضح من خلال إدخال بعض المصطلحات الفضفاضة مثل “الواقعية” و”العملية” في قرارات مجلس الأمن، في إشارة إلى المواقف الصادرة عن الإدارة الأمريكية، لكن ذلك لم يغير في الأمر شيئا. ففي دجنبر الماضي، وقبل توجه هاريس إلى الجزائر العاصمية للقاء وزير الخارجية أحمد عطاف، أعلن قسم شؤون الشرق الأدنى في الإدارة الأمريكية، أن مساعد وزير الخارجية المكلف بمنطقة شمال إفريقيا، يهدف لإجراء مشاورات حول “تعزيز السلم الإقليمي”، و”تكثيف المسار السياسي” للأمم المتحدة بشأن ملف الصحراء، بهدف “الوصول إلى حل دائم وكريم دون مزيد من التأخير”.

وبالموازاة مع ذلك، جددت إسبانيا، على لسان رئيس وزرائها بيدرو سانشيز، خلال لقائه بالملك محمد السادس بالرباط في 21 فبراير الماضي، التأكيد على موقفها الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، بل إن هذا الاجتماع ناقش أيضا مراحل تسليم إدارة المجال الجوي للصحراء المتمركز حاليا في جزر الكناري، إلى المغرب، انطلاقا من المحطة الجوية لأكادير.

وأصبح الموقف الفرنسي بدوره أكثر وضوحا بخصوص ملف الصحراء، حيث أعلن وزير خارجيتها، ستيفان سيجورني، خلال زيارته إلى الرباط في 26 فبراير الماضي، أن بلاده تدعم الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، وأن المغرب بإمكانه “التعويل” عليها بهذا الشأن، وهو ما تُرجم، وفق المعطيات التي حصلت عليها “الصحيفة”، إلى مواقف أكثر وضوحا داخل مجلس الأمن دفاعا عن الطرح المغربي.

 

المصدر: الصحيفة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *