أخبار وطنية، الرئيسية، مواقف وآراء

عزاء الشيراتون…ولا عزاء للحاقدين

…أعلن قصر المرادية الحداد، ودعا الجموع إلى التوجه إلى الشيراتون حيث ستقام مراسيم العزاء…انتهت إلى مسامع الجميع هذه الدعوة دون أي تفصيل، فلم يُسمع بوفاة أحد من المجاهدية، أو من أصحاب الرتب الكبيرة في الحظيرة، أو من علية الجزائر القديمة أو الجديدة، الشمالية أو الجنوبية، أو عن استرجاع جمجمة من الجماجم التي لا يعرف لها أصل ولا فصل، أو اكتشاف وفاة حيوان من الحيوانات أو طير من الطيور، التي كان لها فضل في خرافة المليون شهيد…وصلت الوفود تباعا إلى الشيراتون مطأطأة الرأس، يعزي بعضها بعضا، ولسانها يلوك لا إله إلا الله…عزاؤنا واحد…رحمه الله الفقيد…لكن من هو الفقيد يا ترى؟ السؤال الذي لا يجرأ أحد على طرحه، وإن تجرأ فلا جواب له…فهو سر من أسرار الدولة الكبرى…

ولج الجميع فندق الشيراتون، وعلية القوم يبدو على محياها شحوب غير معهود، وتوثر غير معروف أسبابه، وذهول من شيء انتهى إلى مسامعها ولم يتم الإفصاح عنه بعد…ولتبديد الغُمة، طُلب من فقيه الأمة الأغر، صاحب كرامة “الهرة”، مرتدي جلابيب النساء أن يقوم خطيبا في الناس، فلا عهد للشنقريح ولا لمن لا مجد له، بالخطابة، وأخذ الكلمة بين الناس…فاعتلى صاحب الهرة المنبر ، فحمد الله وذكر آلائه…فأجهش بالبكاء، فعزى جنوب افريقيا على فقدان منصب رئاسة مجلس حقوق الإنسان، مشتكيا من غدر الأحباب، وكيد الكائدين، الذين لا يريدون خيرا للحظيرة الجديدة، وأن فقدان الرئاسة لأمر جلل، لأنها صارت بيد الأعداء، فلم يعد لمقعد مجلس الأمن غير الدائم شرف ولا رفعة…وأن الأعداء سيكرسون جهودهم، من موقعهم هذا، لكي يمنعوا الغيث عن الناس، وأن يديموا طوابير العدس والحليب والزيت والدقيق والغاز…وأن شرهم لن يسلم منه حتى عشب الملاعب، إذ سيبعثون إليه “الأرضة” لتفقده بهائه وخُضرته…

في إحدى موائد العزاء، جلس من يناصرون نفاقا دعوة الحظيرة الجديدة، الساخرون من هذا الإخراج الرديء، وطريقة عرضه على العامة…فدار بينهم حديث عقل، يضمرونه خوفا على أرواحهم…هذه ضربة كبيرة للشنقريح، صاح أحدهم، صحيح، أجابه آخر، فلقد استنجد بجنوب افريقيا، معولا على رمزية منديلا وتجربتها في الانتقال الديمقراطي والعدالة الانتقالية…صدمة للحظيرة ولجنوب افريقيا أيضا، فلقد أقحمتها العصابة في قضايا لا تعنيها وها هي تفقد هيبتها، وتتوارى عن زعامة افريقيا…نهاية لتحالف الجزائر-بريتوريا…فالمغرب قام بتحييد نيجريا قبل هذا، وها هو يضرب هذا التحالف في مقتل وعلى مرأى ومسمع الأشهاد…وأي أشهاد…عواصم العالم بمختلف القارات…ليضيف آخر، المغرب لم يستعر خدمة من الغير ولم يطلب استثمار تاريخه ورصيده، بل عول على تجربته وسمعته وتحالفاته الصادقة، وها هو يكتسح تصويت الترشيح للرئاسة…العالم اليوم ينظر إلى المملكة المغربية كدولة نموذج في حماية الحقوق والحريات، وفي التوفيق بين الخصوصية والكونية…هذا ما يقلق من تلطخت أيديهم بالدم الجزائري، المسؤولون عن العشرية السوداء، وعن الزج برموز الحراك في غياهب السجون…هذا الإنجاز أكبر من الاعتراف الأمريكي، لأن المغرب انتصر في نقطة كانت العصابة تعتبرها منطقة “رخوة”، وأن حملة إعلامية موجهة مشمولة بكرم وعطايا غير مسبوقة ستؤدي الغرض، مع إضافة بلاغات بن بطوش وزبانيته…ليتدخل من لزم الصمت إلى الآن، الواقع، أن مقامنا في الشيراتون سوف يطول، ولا تلوح في الأفق سوى نُذر شؤم، من هذه الوجوه التي تقود هذه الأمة إلى الهاوية…لكن رجاء انتهوا من هذا الكلام، فليشيراتون آذان يسمعون بها…

فمن ينهي حلقات عزاء الشيراتون؟ اعترافات تتوالى، استثمارات تتدفق، تأييد دولي يتعاظم، ومصداقية وثقة تتجدد…والعالم يقف اليوم على الحقيقة، مدركا صورتها الكاملة…بقيت خطوة وحيدة…وكل التباشير ناطقة بدنوها…فقد ارتعدت منها فرائص عصابة الرابوني، وقيادة الحظيرة…ولم تنفع معها حملات التضليل وقصف الآمنين…فإلى عزاء جديد…ودائما في الشيراتون…

د. حنان أتركين

عضو لجنة الخارجية بمجلس النواب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *