أكادير والجهة، الإقتصاد والأعمال

برتقالة سوس.. “الفاكهة” التي تنذر بالخطر و تهدد الفقراء والأغنياء

صباح أكادير:

بين قمم جبال إداوتنان، توجود ضيعات فلاحية خاصة، في منطقة تعيش خصاصا مائيا، بسبب قلة التساقطات المطرية.
وتعد قرية أفلا وسيف الواقعة بالقرب من منطقة أيتامر المتواجدة، بجهة سوس-ماسة؛ من ابرز المناطق التي تعاني من هذا المشكل.

شجرة البرتقال، او الليمون، هي من بين اهم المنتوجات التي حقق بها المغرب ثروة إقتصادية مهمة والتي تصنف ضمن فئة الحوامض.

وهي دائمة الخضرة ويبلغ إرتفاعها حوالي عشرو أمتار، أما بالنسبة لأغصانها فتحمل أوراقا يتراوح طولها بين 4و10سم. وهي شجرة تثمر خلال فصل الشتاء. بحيت تدوم هذه الشجرة ما يقارب خمسين سنة، وتمتد أشجار البرتقال على طول أراضي تامري.

وفي حوارنا مع أحد باعة هذه الفاكهة أخبرنا بأن سعر البرتقال، خاصة من صنف <نافيل> عرف إرتفاعا كبيرا. وهناك عدة أنواع منه، فنجد البرتقال الأحمر، الحمضي، اليوسفي و الحلو…

كما نصحنا الدكتور (محمد الفايد) الباحث في معهد الحسن الثاني للزراعة. بأن له عدة فوائد صحية، وله ثأثيرات قوية، فهو مضاد للأكسدة ومنه: علاج الحمى، ونزلات البرد كما تستعمل أوراقه لمعالجة ألم الرأس والسعال الصدري، وهو ايضا مصدر الفيتامين c.

وتستعمله الشركات الصناعية لصنع المربى في علب زجاجية و عصائر معلبة. وتستعمل قشوره كمنكه طبيعي لبعض الحلويات.

كما أكد الدكتور المغربي (نبيل العياشي) أن له عدة فوائد، يعالج أمراض العظام والمفاصل وتسهل عملية الهضم لذى الإنسان وتحد من الإلتهاب والثورم و تستخدم في بعض المستحضرات التجميلية كعطور بمستخلص زهرة البرتقال، كما يستخدم أيضا كعسل طبيعي…وفي رحلة بحث ميداني إنطلقت أمام دار الشباب أورير على الساعة العاشرة صباحا نحو إيموزار بحيث قطعنا مسافة 56 كيلومتر شرق أكادير وقدر مبلغها حوالي 200 درهم. ومع كل ذلك توجد ضيعات البرتقال في المنطقة لا يستفيد جل سكانها من الماء الشروب. وهذا قد يطرح عدة اشكاليات بيئية الى جانب استقرار الساكنة مستقبلا.

يقول احد الفلاحين( داحماد) ان زراعة هذه الفاكهة تعتبر مصدرا إقتصاديا مهما للساكنة فهي تحافظ على التماسك الإجتماعي، رغم أن هذه المنطقة تتميز بمناخها الشبه جاف وتقع بشرق مدينة أكادير. وإستطاعت تحقيق الإكتفاء الذاتي لجميع الساكنة والقضاء على الفقر وخلق فرص الشغل لكلا الجنسين
(الرجال والنساء).

لولا شجرة البرتقال لخرجت النساء في إيموزار إداوتنان لتسول وتشرد. ويمكن الإستفادة من هذا العمل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وقد أخدنا بعض أراء ساكنة إداوتنان عند إستجوابنا للسيد (لحسين) الذي يعمل بتلك الضيعة الفلاحية وهو رجل متقدم في السن، بدوي يتبين عليه أثر العياء ومشقة الحياة. مرتديا ملابس متسخة بالتراب. والذي وجدنا صعوبة اثناء محادتنا معه انه غير متأقلم مع هذا الوضع لأول مرة امام الكاميرة خصوصا أن اناس تلك المنطقة جد محافضون. وتبين لنا أنه مرتبك اثناء المحادثة إذ لم يكن يفهم لغتنا العربية لكن عندما تحدتنا معه باللغة الامازيغية الفصيحة (تشلحيت) بدأ يتجاوب معنا بلسان أمازيغي، ووضح لنا أن النساء لا تستطعن العمل لأنهن في ذلك الوقت يقمن بتنقية حبوب الأركان.

لكن تبين لنا أنه من العيب لدى سكان المنطقة القول بأن النساء تعملن في الضيعات خاصة في مواسيم القطف أو ربما يرجع ذلك للثقافة التي يعيشون فيها.

والملاحظ خلال هذه السنة أن هذه الفاكهة عرفت إنخفاضا هائلا بحيث لايتعدى ثمنها درهما ونصف بسبب كثرة المحصول ووفرة العرض وقلة التساقطات المطرية مقارنة بالسنة الماضية التي شهدت خسائر كبيرة.

أما بالنسبة لكيفية السقي فقد أخبرنا عامل في تلك الضيعة الفلاحية. أنهم يقومون باستخراج المياه الجوفية الباطينية عن طريق حفر الأبار لجلب المياه بواسطة المحرك الكهربائي.

فبرتقالة واحدة تستهلك حوالي 8 لترات من الماء وهذه نسبة كبيرة تؤدي إلى نفاد كمية المياه الجوفية التي تم تخزينها عبر ملايين السنين.

لكن المشكل يكمن بتباين المياه، فهم يحتاجونه في سقي هذه الزراعة التي يكسبون بها قوت عيشهم وبمقابل ذلك سوف يعانون من الجفاف والعطش بسبب قلة الامطار ونقص المياه الجوفية .

وعند سؤالنا للسيد (براهيم) وهو المسؤول عن جميع العمال حول مخاوفهم من نفاد كميات المياه الجوفية في باطن الارض. فعبر لنا عن عدم تخوفهم لأنهم يقومون بالحفر لمسافة قليلة 48 مترا فقط و يجدون المياه بنسبة كبيرة .
لكن المشكل يكمن في الدواوير الأخرى مثل منطقة هوارة التي يتضرر فيها الفلاحون الصغار بشكل كبير بسبب المصانع والضيعات الكبرى وينتج عن ذلك ضياع المنتوج الذي أنتجه الفلاحون بحيث يقومون برميه إلى الماشية وغيرها.

منذ الأربعينات من القرن الماضي إستوطن الفرنسيون إبان فترة الحماية أراضي منطقة هوارة ونواحيها بإعتبارها آراضي خصبة تصلح للزراعة ، وتحولت إلى أراضي شاسعة. كانت في القرن الماضي مساحات من نباتات شوكية تصلح للرعي فقط وكانت أغلب هذه الأراضي في ملكية الأهالي.

بحيث جاء على لسان المنذوبية السامية للمياه والغابات أن زراعة البرتقال تضررت كثيرا خلال هذه السنوات الأخيرة بسبب قلة المياه والتساقطات وخصوصا المياه الجوفية الباطينية، ويحتاج سكانها إلى حفر مسافة أعمق بكثير لايجاد المياه حوالي 75 مترا. لذلك إذا لم يستعملوه بطريقة معقلنة فستصبح هذه المنطقة حالها حال منطقة تارودانت التي أصبحت بدورها تعاني من خصاص كبير في ندرة المياه.

ومع إستمرار هذه الزراعة فيه تهديد للمستقبل البشرية.

وعند إلتقاءنا بالسيد مسعودي وهو نائب برلماني بدائرة أكادير إداوتنان وحارنا معه حول بعض الحلول المستقبلية لاستمرار هذه الزراعة وبدون القضاء على الفرشة المائية الباطينية رأى بأن الحل يكمن في بناء سدود صغرى ستساعد في التماسك لذى الأسر القروية لا سيما في منطقة يغلب عليها مناخ جد قاسي مما سيؤدي إلى رفع بأقل تكلفة من قيمة التنمية القروية وإستقرار الساكنة مستقبلا.
إن بناء سدود صغرى هو توفير إقتصادي لساكنة إدوتنان وهو وجه من أوجه الحفاظ على التماسك الإجتماعي والأسري وهو إحدى الطرق الفعالة لتحقيق إحدى صور المساواة في المغرب العميق.

إعداد:

حنان الباز
نورة الهضيم
سميرة إخشي
خديجة بن مبارك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *