أكادير والجهة، الرئيسية

الوالي أمزازي يكشف عن خارطة عمل جهة سوس ماسة والمحاور الستة التي ترتكز عليها

كشف السيد سعيد أمزازي، والي صاحب الجلالة على جهة سوس ماسة، عامل عمالة أكادير إداوتنان، عن أولويات عمله وعن التحديات الكبرى والانتظارات الهامة التي تنتظر الجهة. وفي هذا الصدد، سلط السيد الوالي، كما نقلته مجلة “Les Inspirations Ecos”، الضوء على خارطة عمل الجهة والتي ترتكز على ستة محاور أساسية.

وفي مقدمة هذه المحاور، تمت الإشارة إلى برنامج التنمية الحضرية لمدينة أكادير (2020-2024) الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في شهر فبراير 2020، بغلاف مالي يصل إلى 6 ملايير درهم، قبل أن يتم رفعه إلى أزيد من 7 ملايير درهم. ويأتي هذا البرنامج في خضم الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ 44 للمسيرة الخضراء حيث حضيت مدينة أكادير فيه باهتمام خاص، إذ أفرد لها جلالته فقرةً كاملةً ووسمها بوصف ذو أهمية ودلالة كبيرتين وهو ما تعكسه عبارة “أكادير هي الوسط الحقيقي للبلاد”، مشدداً جلالته في ذات الآن على أن الجهة يجب أن تكون مركزاً اقتصادياً يربط شمال المملكة بجنوبها، وهو ما يفرض ضرورة تسريع تنمية مدينة أكادير وجعلها قطباً وقاطرةً للتنمية الجهوية والوطنية.

وبصفته رئيساً للجنة التوجيه والمتابعة وتقييم برنامج التنمية الحضرية لأكادير 2020-2024، وبعد مرور أربع سنوات على إطلاقه، أكد السيد الوالي على أن السنة الجارية ستكون حاسمةً ودقيقةً في إنجاز باقي المشاريع المبرمجة في هذا الإطار ومواكبة تلك التي تم إنجازها. عموماً، تُسجِّل ساكنة أكادير تطوراً ملموساً في البنية التحتية الحضرية والمرافق العمومية حتى أضحت عاصمة سوس نموذجاً في هذا المجال إذ، وكما يمكن استخلاصه بمجرد القيام بجولة بأرجاء المدينة، أن عدداً مهماً من المشاريع الضخمة بدأت تخرج بالفعل إلى حيز الوجود، مع تركيز الاهتمام في تهيئتها على مخططات عمرانية وإدارية مبتكرة، في أفق أن تصير في قادم السنين قطباً حضرياً مندمجاً (ميتروبول) بامتياز.

 

وسجل السيد الوالي أن المحور الثاني من خارطة طريقه، كما جاء على أعمدة المجلة الورقية، يتعلق بتنويع الاقتصاد الجهوي، من خلال الاستثمار في القطاعات الحيوية، وفق مقاربة جهوية، قصد بلوغ مرحلة إقلاع جديدة، مشيراً، في نفس السياق، إلى أن اقتصاد الجهة مبني على 6 قطاعات، من ضمنها 3 قطاعات تعتبر أساسية وهي الفلاحة والصيد البحري والسياحة، بحكم مساهمتها الهامة في الناتج الوطني الداخلي حيث تشكل ما يقرب من 45%، مع العلم أنها تشغل يداً عاملةً كبيرةً في الجهة. وينضاف إلى القطاعات سالفة الذكر التجارة والصناعة/الصناعة التقليدية والأنشطة غير المهيكلة التي تعتبر كذلك من القطاعات الرائدة في الجهة والتي من المفترض النهوض بها، بالنظر إلى الأدوار الاجتماعية والاقتصادية التي تلعبها.

وفي هذا الصدد، صار لزاماً التحرر من هذه النمطية الثلاثية (الفلاحة والصيد البحري والسياحة) وإعادة ترتيب الأولويات التنموية والحسم في الاختيارات الإستراتيجية للمرحلة المستقبلية، من خلال الاستثمار في القطاعات الحيوية التي تعزز مناعة الجهة والبلاد، لا سيما الصناعات الوطنية الموجهة للاستهلاك الداخلي والتكنولوجيات والخدمات الرقمية والبحث العلمي وما إلى ذلك من القطاعات التي تساهم في خلق الثروة والقيمة. ويستند هذا التوجه الاستشرافي على خطة التنزيل الجهوي لمخطط التسريع الصناعي لجهة سوس ماسة الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس نصره الله في يناير 2018 بأكادير والذي يندرج ضمن الرؤية الملكية الهادفة، عبر تنزيل مسلسل الجهوية المتقدمة، إلى تنمية ترابية منصفة ومتوازنة ومندمجة وملائمة لخصوصيات كل جهة وهي التي ترمي في عمقها إلى جعل الجهة قطباً اقتصادياً قادراً على خلق الشغل وتثمين مواردها ودعم قطاعاتها المنتجة لضمان التنمية المندمجة المنشودة.

وبناء على التشخيص المجالي الخاص بسوس ماسة وتحليل بيانات الوضعية الحالية، خصوصاً بعد إطلاق مخطط التسريع الصناعي، شرعت الجهة بالفعل في تنزيل التحول الصناعي بالاعتماد، من ناحية، على النظم البيئية القائمة على القطاعات الاعتيادية وذلك بهدف ضمان نمو مستدام لها، ومن ناحية أخرى، على النظم البيئية الناشئة التي يمكنها الاعتماد على النسيج الاقتصادي المحلي وذلك بهدف المساهمة في نمو حصة الصناعة في الناتج المحلي الجهوي والوطني. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، ترمي الاستراتيجية الخاصة بجهة سوس ماسة إلى تعزيز القطاعات الصناعية القائمة، مع تطوير، بالتوازي، مجالات جديدة وذلك في تناسق تام مع المعايير البيئية والتوجه السياحي للجهة، وكذا إلى إقامة عرض صناعي إقليمي لا يقتصر على الصناعات الغذائية فقط، وإنما على الصناعات الكبرى المصدرة أيضاً وهو الأمر الذي سيساهم لا محالة في انفتاح الجهة على اقتصاد متنوع للنظم الصناعية الخاصة بالسيارات والسفن والطيران والنسيج والصناعة الدوائية وترحيل الخدمات (الأوفشورينغ). وفي مجال الصناعة الغذائية، سيتم تعزيز جهة سوس ماسة بمنصة لتحويل المنتوجات الفلاحية الموجهة سواء للسوق الوطنية أو للقارة الإفريقية.

وتتوفر الجهة على مؤهلات مهمة من حيث الموارد الطبيعية، سواء تعلق الأمر بزيت الأركان أو الزيوت الأساسية المستخرجة من النباتات العطرية والطبية، والتي يمكن استثمارها في إطار منظور شمولي. وفي ما يتعلق بنشاط تصدير زيت الأركان، على وجه الخصوص، فسيتم الاعتماد على طرق ووسائل جديدة تهم التثمين والإدارة والتسويق والقطع بالتالي مع التصدير غير المثمن.

ويهم المحور الثالث، حسب منظور السيد والي جهة سوس ماسة، عامل عمالة أكادير إداوتنان، إحداث مناطق صناعية جديدة وتوسيع الوعاء المخصص للمناطق الصناعية المحدثة والتي تعتبر البنية التحتية والركيزة الأساسية في الحياة الاقتصادية وأحد أبرز محددات التنمية الاقتصادية المستدامة. وفي هذا الإطار، اعتبر السيد الوالي أن الصناعة أضحت تعتمد بدورها على مقاربة جهوية ترتكز على المؤهلات الذاتية الخاصة بها قصد الانخراط في مرحلة إقلاع جديدة. وعليه، تم تخصيص وعاءات عقارية لإحداث شبكة من الجيل الجديد من المناطق الصناعية التي تأخذ بعين الاعتبار المتطلبات الاقتصادية والبيئية المتجددة لجميع عمالات وأقاليم الجهة، بغية بناء اقتصاد جهوي شامل ومندمج يستحضر التحديات الاقتصادية والتنموية القطاعية والرأسمال البشري.

وشدد والي الجهة على الموقع الاستراتيجي للمناطق الصناعية ودوره في جذب الاستثمار الأجنبي والمحلي وتحقيق التنمية المحلية والانتشار الصناعي المتوازن عبر عمالات وأقاليم الجهة، وذلك من خلال جعل مناخ الاستثمار بالمنطقة أكثر جاذبيةً واستقطاباً للاستثمار المحلي والأجنبي في الصناعات المستهدفة، سواء الموجهة للسوق المحلية أو تلك الموجهة للتصدير، وهو ما تحقق في العروض المتنوعة للوعاءات العقارية الصناعية والمباني الجاهزة للاستخدام والتي تمتاز بقربها من الطريق السريع والطريق المداري والمطار. ومن جملة هذه المناطق الصناعية متعددة النظم البيئية والمنصات المخصصة لقطاعات معينة مشروع أكادير نيرشور، بالإضافة إلى المحطة اللوجستية في القليعة، والتي تروم تحقيق التنمية المستدامة ومواكبة وتحفيز الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وتحسين جاذبية الاستثمارات بالجهة. ولتفادي أي ضغط أو تأخير في إنجاز المشاريع على الوعاءات العقارية الصناعية من قبل المستفيدين، من المرتقب التأسيس لبرنامج تعاقدي مندمج ذي بعد استشرافي يقوم على قواعد الشفافية والحكامة لمكافحة المضاربة وبناء الثقة لدى المستثمرين، كما يهدف إلى الحد من تعثر المشاريع التنموية ويتيح الولوج لعقار صناعي بمواصفات عالمية وبأثمنة تنافسية.

وأما المحور الرابع فيَهُم تشجيع الاستثمار الخاص والرفع من جاذبيته. وفي هذا الصدد، وجب التنويه بالزخم الكبير الذي يعرفه هذا المجال، خصوصاً بالنظر إلى مخطط إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار ولجن الاستثمار الإقليمية الموحدة والتي تعكف الحكومة حالياً على بلورته في أفق تنزيله قريباً وهو الذي يسعى إلى النهوض بريادة الأعمال والتشغيل والاستثمار، بالإضافة إلى بناء جو من الثقة لدى الفاعلين الاقتصاديين والصناعيين. ويمثل المركز الجهوي للاستثمار في واقع الأمر شريكاً موثوقاً للمستثمرين من أجل تسهيل عملية الاستثمار وتدليل المساطر المتعلقة به وتوفير الكفاءات المؤهلة لضمان نجاح المشاريع بهدف الرفع من نسبة الاستثمار الخاص وتسريع وتيرة التنمية.

ويركز المحور الخامس على الانتقال الطاقي والطاقات المتجددة. وفي هذا الإطار، سجل السيد الوالي أن المملكة المغربية نجحت في الاستثمار في الطاقات المتجددة وتطويرها وقطعت أشواطاً مهمةً في تلبية احتياجاتها الطاقية، في تناسق مع الرؤية الملكية السامية الرامية إلى تعزيز موقع المغرب ضمن الدول الرائدة في هذا المجال، والتي أفضت إلى اعتماد الاستراتيجية الطاقية الشمسية والريحية على الصعيد الوطني، ووضعت بلادنا على مسار جديد قادر على تحقيق منافع اقتصادية واجتماعية وبيئية هامة.

وبالنظر إلى التحديات الكبرى التي يطرحها تغير المناخ، تواجه جهة سوس ماسة، على غرار باقي جهات المملكة، نضوب الموارد الطبيعية، الأمر الذي يدعوها إلى التكيف لدمجها وتسريع الانتقال الطاقي بها ووضعها على مسار النمو الأخضر. وشدد السيد الوالي على أن الاستثمارات في مجالات الطاقات المتجددة يزكيها الموقع الجغرافي لجهة سوس ماسة وعلى وجه الخصوص قطاعا الهيدروجين الأخضر والاقتصاد الأزرق اللذان يتوائمان مع الرؤية الملكية السديدة والتي تفتح آفاقا واعدة في هذا المجال.

ويهم المحور السادس تحفيز العرض والنشاط السياحي بالجهة، مع دعم فرص الاستثمار فيه، باعتبارها المحطة الساحلية الأولى والوجهة السياحية الثانية بالمملكة. فبفضل المؤهلات الطبيعية والثقافية الفذة والإمكانيات السياحية المهمة التي تزخر بها، تتبوأ جهة سوس ماسة مرتبةً متفردةً من شأنها أن تبرز نموذجاً سياحياً بديلاً يتصف بالتنافسية والاستدامة ويعكس البعد الإنساني للجهة ولساكنتها. ولمواكبة الديناميكة ذات المنحى الإيجابي التي ما فتئت تتسم بها الجهة، تم الحث على التركيز على ترويج الأنشطة الترفيهية باعتبارها عنصراً رئيساً سيساهم في الرفع من متوسط مدة الإقامة وجعل أكادير وجهةً جذابةً. وفي سياق متصل، أكد السيد والي الجهة أن تطور وإنعاش النقل الجوي وبرمجة رحلات جوية مباشرة جديدة نحو وجهات الاستقطاب الاستراتيجية يشكل مؤشراً إيجابياً على الديناميكة التي تعرفها الجهة.

تلك هي أبرز ملامح خطة العمل والمحاور الرئيسية الستة التي رسمها السيد سعيد أمزازي، والي جهة سوس-ماسة، عامل عمالة أكادير إداوتنان، والتي سيكون تركيزه منصباً عليها خلال الفترة المقبلة، معتبراً إياها ذات راهنية قصوى، خاصة من الجانب الاقتصادي الذي يرى أنه يستدعي اهتماماً فورياً وحلولاً جديةً، في أفق الاستعداد للاستحقاقات القارية والدولية التي تنتظر بلادنا خلال السنوات المقبلة.

يذكر أن جلالة الملك محمد السادس نصره الله عين، في 19 أكتوبر 2023، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي والناطق الرسمي بإسم الحكومة السابق (2018-2021)، السيد سعيد أمزازي، والياً على جهة سوس ماسة، عاملاً على عمالة أكادير إداوتنان. ومباشرة بعد تنصيبه، باشر السيد الوالي الجديد تنظيم اجتماعات مكثفة مع ممثلي السلطات المحلية والمصالح الخارجية والمنتخبين بهدف وضع خارطة العمل المستقبلية. وبعد 6 أشهر عن تعيينه، عرفت الجهة حركية كبيرة جراء الزيارات الميدانية واللقاءات التواصلية التي يقوم بها السيد الوالي لمختلف الجماعات، الحضرية والقروية منها، وباقي المؤسسات العمومية والخصوصية للتعرف عن كثب على المجال الترابي التابع له والوقوف على مدى تقدم المشاريع التي تم إطلاقها.

جواد بلعباس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *