أخبار وطنية، الأولى، الرئيسية

رؤساء الجامعات يُساندون “فرنسة” المواد العلمية و عمر حلي يكتب “رسالة مفتوحة إلى ضمائرنا”

 

أوصى رؤساء الجامعات في المغرب، بتدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، مع الإعداد لتدريس تلك المواد، أيضا، باللغة الانجليزية في المستقبل، كما دعوا لـ”تدريس اللغات الأجنبية، وإعطاءها الأولوية منذ التعليم الابتدائي، بغية تمكين الشباب من اللغات الأجنبية إلى جانب اللغة العربية والأمازيغية وتكريس التعدد اللغوي المنشود لتحسين التعلمات والاندماج المهني فيما بعد.

وذكر بلاغ أعقب ندوة الرؤساء،  على أن “النموذج التنموي الجديد للمغرب يضع مسألة الموارد البشرية والعلم والتكنولوجيا والبحث العلمي والتقني في صلب المخطط الجديد للمغرب. ويتطلب ذلك اجراءات واقعية، خصوصا فيما يتعلق بطريقة تدريس العلوم والتحكم في التكنولوجيات، بهدف تجسيد طموحات هذا الوطن الذي ينشد اللحاق بركب الدول النامية والذي يأمل في دعم وتعزيز دوره على المستوى الإفريقي جهويا والأورمتوسطي فضلا عن موقعه في العالم”.

وأكد المصدر ذاته “تعلقه بالقيم الوطنية والثقافية واللغوية، وكذا اللغتين الرسميتين، العربية والأمازيغية، منبهة أن العلم والتكنولوجيا والمعرفة تنتج باللغات الأجنبية، وخاصة الإنجليزية والفرنسية.

وعليه، فمن غير الممكن في الوضعية الراهنة التحكم في المعلوميات والرقمنة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات المرتبطة بالطيران والسيارات والطاقات، دون التمكن من هذه اللغات. وبالتالي فإنه من واجبنا تهييئ الأجيال المقبلة لمواجهة التطور السريع للمهن، حيث إن 80 في المائة منها ستتغير في المستقبل القريب”، يقول البلاغ.

كما أوضح البلاغ أن “ندوة الرؤساء تنخرط، أساسا، في إطار الدستور الجديد الذي تم التوافق عليه في يوليوز 2011 والذي ينص على أن الدولة” تسهر على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية، وعلى تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، باعتبارها وسائل للتواصل، والانخراط والتفاعل مع مجتمع المعرفة، والانفتاح على مختلف الثقافات وعلى حضارة العصر، حسب ماينص عليه الدستور.

وأبرز البلاغ أن المغرب “يشهد نقاش حيوي غير مسبوق، أعاد موضوع التربية لصدارة الأحداث، ولبؤرة انشغالات كل القوى الحية بالمغرب، وإذا كان الجميع يتفق على ضرورة إصلاح منظومتنا التربوية بهدف تمكينها من الاضطلاع بدورها كاملا باعتبارها قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا، فإن النقاش تبلور وتركز أكثر حول لغة تدريس المواد العلمية في التعليم الابتدائي والثانوي، أما في التعليم العالي فلا تطرح المسألة إطلاقا، حيث إن المواد العلمية والتقنية تدرس باللغة الفرنسية، إلى جانب بعض المبادرات التي اتخذتها بعض المؤسسات الجامعية لإدماج اللغة الانجليزية كلغة تدريس”.

وأشار إلى أن “الهدف هو تكوين موارد بشرية قادرة على التكيف مع التطورات العلمية والتكنولوجية، ومواكبة التطور الاقتصادي للمغرب الذي يرتبط بشكل خاص بالاقتصاديات الأوربية والاقتصاديات الإفريقية أكثر فأكثر (الناطقة بالفرنسية والانجليزية)، وأن ندوة رؤساء الجامعات، والتي تضم مجموع الجامعات المغربية، واعية برهانات العلم والتكنولوجيا من أجل تموقع المغرب في كنف العولمة، وانطلاقا من مسؤوليتها الاجتماعية ودورها في تكوين أجيال المستقبل، فإنها قررت أن تسهم برأيها بخصوص مسألة لغات تدريس المواد العلمية في الابتدائي والثانوي”.

وتابعت الوثيقة، أنه “من الملاحظ أن التلاميذ الذين يتابعون دراستهم بالمدرسة العمومية حاليا، يعيشون شرخا حقيقيا بين الثانوي والجامعة، بالنظر لكونهم تلقوا المواد العلمية باللغة العربية خلال السلكين الابتدائي والثانوي، في حين تدرس هذه المواد بالجامعة باللغة الفرنسية، إن هذا الشرخ اللغوي أنتج شرخا اجتماعيا مس بالأساس الفئات الهشة، أما الفئات المحظوظة فتتجه مبكرا للمدارس الخاصة التي تقدم في الغالب تعليمها باللغة الفرنسية أو بالأحرى باللغة الانجليزية، أو على الأقل التحكم في اللغات الأجنبية”.

وأوردت أن “هذا الواقع يحثنا اليوم، وبكل مسؤولية، التأكيد على إرساء تعلم المواد العلمية باللغات الأجنبية في كل مستويات التعليم الابتدائي والثانوي لتحقيق العدالة الاجتماعية، لقد نتج عن هذا الأمر استياء الحاصلين على الباكالوريا من المواد العلمية، حيث يسجل زهاء 12 في المائة بالشعب العلمية بالجامعة، في حين أن حوالي 30 في المائة من الحاصلين على الباكالوريا العلمية يلتجئون إلى شعب أخرى بسبب عدم التمكن من لغة التدريس في التعليم العالي، بل إن أولئك الذين يختارون الشعب العلمية، يجدون صعوبة بالغة دوما في تحصيل شهادتهم في الآجال المعقولة، وبلوغ درجة التميز التي تخول الإشهاد بالكفاءة العلمية”.

حول جدل التدريس باللغات الأجنبية.. عمر حلي يكتب “رسالة مفتوحة إلى ضمائرنا”

اختيار اللغة/اختيار اللغات. سوف يذكرنا التاريخ أو يدمرنا مثل بقايا رماد. ولكن لن تنسى العيون والصدور ما سوف تتركه مواقفنا وتخاذلنا من مرارات تحفر في إسفلت الإحباط المتنامي. لن يغفر لنا الزمن الآتي تخاذلنا بعدم التعبير عن موقف واضح غير مؤدلج (أو مدبلج) عن مسألة اللغات.
في مسألة اختيارات اللغات، لن يسمح للمثقفين والباحثين فرادى، كما لن يغفر للهيآت السياسية والنقابية اعتبار الأمر مجرد موقف عابر. لن يغفر لنا شباب الحاضر والآتي صمتنا عمن يريد لابنه تسجيلا مريحا في المدارس الخصوصية وتمييزا غير محسوب لفئات عريضة من ناشئة الوطن هم على أبواب المدرسة اليوم، وسيكونون على حافة الحياة بعد خمسة عشر سنة أو عشرين.
مسألة اللغة أو اللغات تنموية بالأساس، إيديولوجية في العمق وسياسية في التعبير.
فماذا يقول المثقفون في الأمر وحوله؟ وماذا تقول المنظمات المهتمة بالحقوق والموسومة بالدفاع عن الناس؟ والمنظمات الثقافية والجامعية والجمعيات المدينة بالذات ليس من حقها اعتماد سياسة النعامة. من سيحاسب من؟ ثم أليس السياسي نفسه في حاجة إلى رأي معتمد ومناقش ومقلب تقريبا.
اعتماد اللغة الوطنية، العربية والأمازيغية، والتشبت بالهوية لم يجعلها يوما في تعارض مع الفرص المتاحة للانفتاح على اللغات الأجنبية، التي لا تعني الفرنسية وحدها. ثم من يخاف عن هوية مرتبطة بلغة واحدة يجب أن يعترف أنه يغترف من فكر أحادي البعد، بلاغي الرؤية.
نعم للمؤسسات الرأي الأخير. وللمؤسسات الدستورية الرأي كله. ولكن للناس حق المساهمة وواجبها. قد يكون اليوم للرأي ثقل الريش ولكن علينا أن نسمع ما يقوله الناس، كل الناس؛ أن نصغي لما يدور في المجالس والبيوت وان لا نعتمد فكر “قلوبنا معكم وسيوفنا مع الأعداء”. ولا يجب لن ندعو الناس بالعامة لان الراي رأي تكوين الأجيال ورأي مجتمع والطريق غير الطريق المعبد السهل أحادي المنحى. في الأمر ما يتطلب الحكمة وفيه ما يستدعي التنسيب إلى حد الاعتراف بأن التعددية لا تقوم في غيابه. ويوم سوف ندرك أن اعتماد الانفتاح في اللغة لا يجب أن يمس اللغات الوطنية، ولن يمسها في شيء، سوف ندرك أن التصلب في الموقف يقود إلى جحيم التميز البلاغي والأدبي الذي يريد البعض أن يلحقه بالنقاش. وإلا فما الموقف من شباب المغرب الذي يتابع دراسته في البقاع كلها و باللغات التي لا تتشابه حتما ولكنها تقود إلى بر الأمان.
لا يجب في اعتقادي أن نتجاهل الوقع الذي يمكن أن يحدثه اختيار دون سواه. لست ممن يدعون في الأمر علما ولكن الأسر كلها تعرف الاختيارات مهما صعبت ويعلم الشباب المآل مهما اعتقد البعض أنهم لا يكثرثون؛ وكل اختيار لا يراعي تعددنا الذي يغذي قوة هويتنا سوف يسقطنا في دائرة الوخز، وخز الضمير حيث لا ينفع الندم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *