أخبار وطنية، الرئيسية، ثقافة وفنون

التراث المعماري للفترة الكولونيالية بمدينة سيدي إفني وسبل المحافظة عليه وتثمينه”، محور لقاء علمي

غزلان موساكني

نظمت المحافظة الجهوية للتراث بجهة كلميم وادنون، بشراكة مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان كلميم وادنون، بمدينة سيدي إفني يوم الأحد 7 أبريل2023 بقاعة المسيرة الخضراء ببلدية سيدي إفني، ندوة فكرية حول موضوع ” التراث المعماري للفترة الكولونيالية بمدينة سيدي إفني وسبل المحافظة عليه وتثمينه”، و ذلك في إطار البرنامج الوطني لفعاليات “شهر التراث”، الذي أطلقته وزارة الشباب والثقافة والتواصل-قطاع الثقافة، من 18 أبريل إلى 18 ماي 2022، تحت شعار ” من جيل إلى جيل”، والذي تسعى من خلاله الوزارة إلى تثمين الإرث القديم والمتميز للتراث الثقافي المغربي عامة، وتسليط الضوء على التراث الثقافي المادي واللامادي لجهة كلميم وادنون خاصة.

وقال السيد ” محمد حمو” المحافظ الجهوي لوزارة الثقافة بجهة كلميم وادنون، أن اختيار موضوع الندوة جاء لراهنيته، ونظرا لكون مدينة سيدي إفني تتوفر على مآثر معمارية عريقة ومهمة تعود للفترة الإستعمارية لإسبانيا بالمنطقة، والتي لازال الكثير منها في حالة جيدة، ولهذا نريد إلى حد ما أن نثير النقاش حول ضرورة المحافظة عليها وضرورة تشارك وتقاسم خبرات بعض الإخوان و وبعض المدن التي ساهمت في التثمين والحماية القانونية للمجال التاريخي عندها، كما أثرنا كذلك مايسمى بالمخطط التدبير للنسيج التاريخي، مثلا مدينة سيدي إفني مقارنة مع مدن أخرى، لأنه وبكل صراحة هذه المدينة لديها نسيج تاريخي والقيمة التاريخية والمعمارية مايحتم علينا جميعا ليس كقطاع الثقافة فقط ولكن علينا جميعا أن نثمنه ونجعل من إرث الأمس كنز اليوم، وجزءا من الذاكرة لنفتخر به وليكون في مصلحة التنمية المحلية وهذا مانصبوا إليه وهذا ما ثمنه السادة الحضورعامة، وأعضاء المجلس الجماعي لسيدي إفني خاصة.

حضر هذا اللقاء الثقافي، دكاترة باحثين و فعاليات المجتمع المدني والحقوقي و منتخبون، ومهتمين بالمجال التراثي بالإضافة إلى رجال السلطة المحلية ووسائل الإعلام المختلفة.

افتتح اللقاء بمداخلة الأستاذ الباحث” سمير المحندي” تحت عنوان ” العمارة الكولونيالية بمدينة سيدي إفني، الذاكرة وآفاق الإستثمار” والتي رصد من خلالها أهم المآثر الكولونيالية بمدينة سيدي إفني، من منشآت وبنايات وآثار خلفها المستعمر الإسباني خلال النصف الأول من القرن العشرين حيث مزج في تشييدها بين الهندسة الأوربية وفن عمارة القصبات، والتي مازالت أغلبها تحافظ على بنائها رغم مرور الزمن، مبرزا أهميتها العريقة والعمل على جذب الانتباه لضرورة المحافظة عليها واستثمارها في التنمية المستدامة، موثقا ذلك بالصور، وبالرجوع إلى المصادر والبحوث والكتب التي تؤرخ للعديد من الأحداث التاريخية المتعلقة بالمدينة.

٥جم

أما “عبد الرحيم البرديجي” باحث في الدراسات الإسبانية، فقد كان موضوع مداخلته” سيدي إفني، تداخل الثقافة المغربية الإسبانية وحقيقة سانتاكروزدي مار بيكينيا في الأراشيف الرسمية الإسبانية”, فأكد أن هناك ترابطا كبيرا ووثيقا بين الحضارتين الإسبانية والعربية يظهر جليا في مختلف مناحي الحياة خاصّة الثقافية والاجتماعية، ونجد ان فنون العمارة شاهدة على هذا الترابط القوي بين الحضارتين واندماجهما معاً.

وتعد مدينة سيدي إفني، أو كما كان الإسبان يسمونها “سانتا كروز دي لمار بيكينيا”، محطّة هامة وجاذبة للاستعمار الإسباني، فهي تحتضن الكثير من معالمهم التاريخية حيث بقيت بعض المباني الشهيرة على حالها وشاهدة على العلاقة المتبادلة بين الثقافتين العربية والإسبانية عبر مرور الزمن، مؤكدا أنّ علاقة إسبانيا بالعالم العربي وثيقة جداً، و دعا المسؤولين بالعمل على جلب المستثمرين الأجانب وخلق شراكات مع إسبانيا من أجل خلق حركة دينامية داخل المدينة وخلق فرص شغل للشباب، وإنعاش القطاع السياحي باعتبار المدينة تتوفر على أجمل الشواطئ .

الأستاذ، “محمد بوصلح” مدير مركز تأهيل وتوظيف التراث المعماري، لمناطق الأطلس وماورائها بورزات، تحدث عن ” كيفية إعداد مخطط التدبير المعماري” فقال أنه يجب العمل على إبراز المؤهلات العمرانية لجميع المدن التي تتواجد بها مآثر تاريخية تعود للقرون الماضية، وأوضح أن هناك محاولات عديدة لترميمها والعمل على إظهار خصوصياتها، ويمكن استغلال مؤهلاتها في عدة ميادين، خاصة في المجال السياحي أو المجالات الإدارية والثقافية.

وأضاف أن هذا العمل يعتمد على منهجية تنسيق وتوحيد جهود جميع الفاعلين التنمويين ومبادراتهم وتدخلاتهم المتعلقة بتنمية وتثمين المعالم الأثرية، بناء على رؤية موحدة، وبمشاركة فعاليات المجتمع المدني، ومختلف القطاعات الوصية على هذا الأمر.

أما الأستاذ،” عبد الرحيم قسو” مهندس معماري، عضو المجلس العالمي للمباني، والمواقع ICOMOS وعضو جمعية ذاكرة الدار البيضاء، فموضوع مداخلته كان عن ” تجربة كازا ميموار” نمودج مدينة الدار البيضاء، التي تتميز بتراثها المعماري الفريد على المستوى العالمي، واختزانها نسيجا عمرانيا مهما يكسبها موقعا عالميا متقدما. فجمعية “كازا ميموار” عملت على إبراز الخصوصيات المعمارية للمدينة، وتثمين تراثها وإنعاش السياحة الثقافية بها في ضوء ولوجها المتواصل لعالم الحداثة والمعاصرة.، كما سعت إلى تثمين المجمعات الحضرية التاريخية للمدينة، وأيضا تعزيز العمل على تعزيز تراثها المعماري والحضري، باعتبارهما عاملان من عوامل التنمية.

وأضاف السيد “عبد الرحيم قسو” أن مدينة الدار البيضاء تميزت دوما بغنى تراثها المعماري خاصة بوسط المدينة ، والمدينة القديمة ، موضحا أن إشعاع العاصمة الاقتصادية ازداد اتساعا سنة 1942 من خلال الفيلم الأمريكي الذي حمل اسمها لمخرجه مايكل كورتيز ، ما جعل الجمعية تسعى إلى إشعاع المدينة دوليا، من خلال توطيد العلاقات مع المجتمع الدولي.

واستحضر السيد قسو من جهة أخرى بعض الجوانب التاريخية للعاصمة الاقتصادية ، التي شهدت في القرن ال 18 الميلادي هزة أرضية نتج عنها بعض الدمار ، وهو ما يجعل المدينة القديمة مع ذلك معاصرة لأنها شيدت في القرن 19 ، واستقر بها بعد ذلك أشخاص قدموا من داخل المغرب وخارجه .

وذكر، أن مقرات القنصليات كانت تتواجد خلال القرنين 19 و 20 بالمدينة القديمة للدار البيضاء ، التي كانت تتكون من مباني ذات هندسة عصرية لتتوسع بعد ذلك إلى مدينة فريدة في العالم تتسم بنسيج عمراني من النوع الرفيع.

بعد ذلك فتح باب النقاش من قبل مسير الندوة، حيث تفاعل الحضور مع المحاضرين من خلال توجيه الأسئلة والاستفسارات التي أثرت الندوة كما رفعت توصيات للقطاعات الوصية من أجل العمل عليها.

ليختتم اللقاء، بتكريم المجلس الجماعي لسيدي إفني من طرف المحافظة الجهوية للتراث بجهة كلميم وادنون، واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان كلميم وادنون عرفانا منهم على مجهوداتهم في إنجاح هذا اللقاء المثمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *