أخبار وطنية، الأولى، الرئيسية

يجب على إيمانويل ماكرون أن يفهم الشخصية المغربية يكتب الطاهر بن جلون

لم يعد يخفى على أحد أن العلاقات بين المغرب وفرنسا هي في أسوأ حالاتها، والأسباب في ذلك متعددة ومعقدة. ومع ذلك عندما تسوء الأمور لا بد من القيام بمبادرات شجاعة لإيجاد حلول لهذه العلاقة المتوترة، أو على الأقل مواجهتها والقيام بما يلزم لإعادة الأمور إلى مجاريها.

 المغرب  دولة لم تخضع للاستعمار بالمعنى الحرفي للكلمة مطلقا. لقد صمدت الدولة المغربية أمام التدخل العثماني الذي استوطن الجزائر وتونس ومصر؛ بينما مارست فرنسا الحماية بالمغرب من عام 1912 إلى عام 1956 وهذا لا علاقة له بالاستيطان الاستعماري الذي حدث في الجهة الشرقية لدى جيراننا الجزائريين. وبالتالي كانت هناك دائمًا صداقة وتفاهم ودي بين المغرب وفرنسا، التي لطالما كانت الشريك الاقتصادي الأول الرئيسي للمملكة، وكانت المبادلات بين البلدين تأخذ دوما مسارها الطبيعي دون نشوب أزمات.يجب على إيمانوبل ماكرون أن يفهم الشخصية المغربية، لا لغتها، بل ثقافتها التقليدية وكيفية اشتغالها التي لا علاقة لها تُذكر مع الأنظمة الملكية الأخرى؛ ففي المغرب الملك هو الذي يحكم ويسود، وهو ضامن استقرار البلد والساهر على سير المؤسسات، ولا شيء يتم دون موافقته؛ ويبدو أنه ملك عظيم وأحد الزعماء القلاقل في العالم العربي الذين يحترمون مبادئ الديمقراطية ويسهرون على تجويدها وتطويرها، ومع ذلك فهو لا ينكر وجود مشكلات أو مظاهر من الخلل في ما يجب تغييره؛ ولذلك فهو ملك واقعي وواع وواضح. ويجب أن نعلم أن القضية الرئيسية للمغرب والمغاربة قاطبة هي الوحدة الترابية، ولا قضية تعلو فوقها، وهي في قلب جميع السياسات في البلد                                  لقد اعترفت العديد من البلدان مؤخرا بمغربية الصحراء أو أنها على الأقل وصفت المقترح المغربي القاضي بمنح الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية بالخطوة الجادة وذات المصداقية والمقبولة. وللأسف وقفت فرنسا أمام هذه المبادرة موقفا لا يمكن وصفه إلا بالجمود، وذلك مخافة إثارة استياء وغضب الجنرالات الجزائريين. وإذا أراد إيمانويل ماكرون أن يصلح تصدعات أزمة كبرى بين المغرب وفرنسا فهو يعرف ما يجب عليه فعله، وهو الاعتراف بأن الموقف المغربي موقف عادل، وبأن الجزائر جانبت الصواب في استمرارها في تغذية نزاع اختلقه قبل نصف قرن هواري بومدين، ما حال دون بناء مغرب عربي موحد وقوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *