أخبار وطنية، الرئيسية، مجتمع

عائشة الشنا صوت الامهات العازبات في دمة الله

توفيت، الأحد 25 شتنبر 2022، الناشطة الجمعوية الكبيرة، عائشة الشنا، عن عمر ناهز 82 سنة بمستشفى الشيخ زايد بالدار البيضاء، وتعد الراحلة من بين الأوائل الذين سلطوا الضوء على فئة “الأمهات العازبات”، أو “الفتيات اللائي يرزقن بأطفال خارج مؤسسة الزواج”، فقد سخرت جميع إمكانياتها لإعادة إدماج هذه الفئة وأولادها في المجتمع.

رأت عائشة الشنا النور سنة 1941 بمدينة الدار البيضاء، وذاقت طعم اليتم وهي في الثالثة من عمرها، بعد أن توفي والدها، لتخوض بعدها عدة تحديات استطاعت أن تتجاوزها لتصير أيقونة في الدفاع عن قضايا النساء بالمغرب والعالم.

غادرت “ماما عيشة”، كما تناديها النساء اللواتي يلجأن إليها لطلب المساندة، مقاعد الدراسة في السادسة عشر من عمرها، بسبب ظروف الحياة، لتشتغل بجمعية لمرضى الجذام والسل، حيث لم يتعد أول راتب تلقته ثلاثمائة وخمسين درهما، كما جاء على لسانها في إحدى الحوارات الإذاعية، ومكنها الاشتغال بعدد من المؤسسات الجمعوية بعدها من معاينة الحالات الإنسانية عن قرب وعلى أرض الواقع.

وخاضت بعدها امتحانات مدرسة التمريض عام 1960، بناء على طلب أصدقائها وتم قبولها، وبعد حصولها على دبلوم التمريض، عملت الشنا في وحدة التعليم بوزارة الصحة، ثم انتهى بها المطاف بالعمل كمنسقة لبرامج التوعية الصحية، وفي السبعينيات من القرن الماضي بدأت في الظهور بالبرامج التلفزيونية والإذاعية المختصة بصحة المرأة، ومن ضمنها أول عمل تلفزيوني يدور حول التعليم الصحي.

وابتداء من عام 1985 وجهت الشنا اهتمامها صوب فئة الأمهات العازبات، إذ أسست “جمعية التضامن النسوي”، التي تعتبر هذه الفئة بمثابة “ضحايا المجتمع والقانون”، وتقدم الجمعية المساعدة القانونية والاقتصادية والنفسية للهذه الفئة من النساء، خصوصا تسهيل المساطر القانونية والإدارية في ما يتعلق بتسجيل الأولاد في الحالة المدنية، بالإضافة إلى تحسيس النساء بخطورة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.

وتعمل الجمعية على إدماج “الأمهات العازبات” وأطفالهن في عائلاتهن، حيث تمكنت الجمعية من جعل بعض الآباء يعترفون بأولادهم، فيسجلونهم في الحالة المدنية، بل إن بعض “الآباء” لم يقتصروا على الإقرار بالبنوة بل فضلوا الزواج بأمهات أولادهم.

وقالت “ماما عيشة” في تصريح صحفي سابق إنها “فخورة بتسليطها الضوء على هذا الفئة التي حظيت بالاعتبار من أعلى سلطة في المغرب، ومن رجال القانون.. هذا بالنسبة لي ثورة حقيقية، فقد أصبحنا بمثابة قدوة لكثير من البلدان”.

ونالت الراحلة مجموعة من الجوائز الدولية والوطنية، وم توشيحها من قبل جلالة الملك محمد السادس بالميدالية الفخرية سنة 2000، كما حازت على جائزة حقوق الإنسان من الجمهورية الفرنسية عام 1995 بباريس، وجائزة إليزابيت نوركال، نادي النساء العالمي بفرانكفورت سنة 2005، وجائزة أوبيس للأعمال الإنسانية الأكثر تميزا بالولايات المتحدة عام 2009، ووسام جوقة الشرف من درجة فارس، من قبل الجمهورية الفرنسية عام 2013.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *